كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً} كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعا.
وقوله: {وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (68)} يقول: قد كنت فيكم أمينا قبل أن أبعث. ويقال: أمين على الرسالة.
وقوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ (78)} والرجفة هي الزلزلة. والصاعقة هي النار. يقال: أحرقتهم.
وقوله: {فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} يقول: رمادا جاثما.
وقوله: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ (79)} يقال: إنه لم يعذب أمّة ونبيّها فيها حتى يخرج عنها.
وقوله: {أَخْرِجُوهُمْ (82)} يعنى لوطا أخرجوه وابنتيه.
وقوله: {إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ} يقولون: يرغبون عن أعمال قوم لوط ويتنزهون عنها.
وقوله: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها (85)} وإصلاحها بعثة النبي صلى اللّه عليه وسلم يأمر بالحلال وينهى عن الحرام.
فذلك صلاحها. وفسادها العمل- قبل أن يبعث النبي- بالمعاصي.
وقول شعيب: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} لم يكن له آية إلا النبوّة. وكان لثمود الناقة، ولعيسى إحياء الموتى وشبهه.
وقوله: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ (86)} كانوا يقعدون لمن آمن بالنبيّ على طرقهم يتوعّدونهم بالقتل. وهو الإيعاد والوعيد. إذا كان مبهما فهو بألف، فإذا أوقعته فقلت: وعدتك خيرا أو شرا كان بغير ألف كما قال تبارك وتعالى: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
وقوله: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا (89)} يريد: اقض بيننا، وأهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتّاح.
وقوله: {أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ (100)} ثم قال: {وَنَطْبَعُ} ولم يقل: وطبعنا، ونطبع منقطعة عن جواب لو يدلّك على ذلك قوله: {فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} ألا ترى أنه لا يجوز في الكلام: لو سألتنى لأعطيتك فأنت غنىّ، حتى تقول: لو سألتنى لأعطيتك فاستغنيت. ولو استقام المعنى في قوله: {فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} أن يتصل بما قبله جاز أن تردّ يفعل على فعل في جواب لو كما قال اللّه عز وجل: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ} فنذر مردودة على {لقضى} وفيها النون.
وسهّل ذلك أنّ العرب لا تقول: وذرت، ولا ودعت، إنما يقال بالياء والألف والنون والتاء، فأوثرت على فعلت إذا جازت قال اللّه تبارك وتعالى: {تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا} مِنْ ذلِكَ ثم قال: {وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} فإذا أتاك جواب لو آثرت فيه فعل على يفعل وإن قلته ينفعل جاز، وعطف فعل على يفعل ويفعل على فعل جائز، لأن التأويل كتأويل الجزاء.
وقوله: {حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ (105)} ويقرأ: {حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ}. وفى قراءة عبد اللّه: {حقيق بأن لا أقول على اللّه} فهذه حجة من قرأ {على} ولم يضف. والعرب تجعل الباء في موضع على رميت على القوس، وبالقوس، وجئت على حال حسنة وبحال حسنة.
وقوله: {فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ (107)} هو الذكر وهو أعظم الحيّات.
وقوله: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ (110)} فقوله: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} من الملأ {فَماذا تَأْمُرُونَ} من كلام فرعون. جاز ذلك على كلامهم إياه، كأنه لم يحك وهو حكاية. فلو صرّحت بالحكاية لقلت: يريد أن يخرجكم من أرضكم، فقال: فماذا تأمرون. ويحتمل القياس أن تقول على هذا المذهب: قلت لجاريتك قومى فإنى قائمة تريد: فقالت: إنى قائمة وقلّما أتى مثله في شعر أو غيره، قال عنترة:
الشاتمى عرضى ولم أشتمهما ** والناذرين إذا لقيتهما دمى

فهذا شبيه بذلك لأنه حكاية وقد صار كالمتصل على غير حكاية ألا ترى أنه أراد: الناذرين إذا لقينا عنترة لنقتلنّه، فقال: إذا لقيتهما، فأخبر عن نفسه، وإنما ذكراه غائبا. ومعنى لقيتهما: لقيانى.
وقوله: {أَرْجِهْ وَأَخاهُ (111)} جاء التفسير: احبسهما عندك ولا تقتلهما، والإرجاء تأخير الأمر. وقد جزم الهاء حمزة والأعمش. وهى لغة للعرب: يقفون على الهاء المكنى عنها في الوصل إذا تحرك ما قبلها أنشدنى بعضهم:
أنحى علّى الدهر رجلا ويدا

يقسم لا يصلح إلا أفسدا

فيصلح اليوم ويفسده غدا

وكذلك بهاء التأنيث فيقولون: هذه طلحه قد أقبلت، جزم أنشدنى بعضهم:
لما رأى أن لادعه ولا شبع ** مال إلى أرطاة حقف فاضطجع

وأنشدنى القنانىّ:
لست إذا لزعبله

إن لم أغيّر بكلتي

إن لم أساو بالطول

بكلتي: طريقتى. كأنه قال: إن لم أغيّر بكلتي حتى أساوى. فهذه لامرأة: امرأة طولى ونساء طول.
وقوله: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)} أدخل {أن} في {إما} لأنها في موضع أمر بالاختيار. فهى في موضع نصب في قول القائل: اختر ذا أو ذا ألا ترى أن الأمر بالاختيار قد صلح في موضع إمّا.
فإن قلت: إن أو في المعنى بمنزلة إمّا وإمّا فهل يجوز أن يقول يا زيد أن تقوم أو تقعد؟ قلت: لا يجوز ذلك لأن أول الاسمين في أو يكون خبرا يجوز السكوت عليه، ثم تستدرك الشكّ في الاسم الآخر، فتمضى الكلام على الخبر ألا ترى أنك تقبول: قام أخوك، وتسكت، وإن بدا لك قلت: أو أبوك، فأدخلت الشكّ، والاسم الأول مكتف يصلح السكوت عليه. وليس يجوز أن تقول: ضربت إمّا عبد اللّه وتسكت. فلمّا آذنت إمّا بالتخيير من أول الكلام أحدثت لها أن.
ولو وقعت إمّا وإمّا مع فعلين قد وصلا باسم معرفة أو نكرة ولم يصلح الأمر بالتمييز في موقع إمّا لم يحدث فيها أن كقول اللّه تبارك وتعالى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} ألا ترى أن الأمر لا يصلح هاهنا، فلذلك لم يكن فيه أن. ولو جعلت أن في مذهب كى وصيّرتها صلة ل {مرجون} يريد أرجئوا أن يعذبوا أو يتاب عليهم، صلح ذلك في كل فعل تامّ، ولا يصلح في كان وأخواتها ولا في ظننت وأخواتها. من ذلك أن تقول آتيك إما أن تعطى وإما أن تمنع.
وخطأ أن تقول: أظنك إما أن تعطى وإما أن تمنع، ولا أصبحت إما أن تعطى وإما أن تمنع. ولا تدخلنّ أو على إما ولا إما على أو. وربما فعلت العرب ذلك لتآخيهما في المعنى على التوهّم فيقولون: عبد اللّه إما جالس أو ناهض، ويقولون: عبد اللّه يقوم وإما يقعد. وفى قراءة أبىّ: وإنا وإيّاكم لإمّا على هدى أو في ضلال فوضع أو في موضع إما. وقال الشاعر:
فقلت لهن امشين إمّا نلاقه ** كما قال أو نشف النفوس فنعذرا

وقال آخر:
فكيف بنفس كلما قلت أشرفت ** على البرء من دهماء هيض اندمالها

تهاض بدار قد تقادم عهدها ** وإمّا بأموات ألمّ خيالها

فوضع وإمّا في موضع أو. وهو على التوهم إذا طالت الكلمة بعض الطول أو فرقت بينهما بشىء هنالك يجوز التوهم كما تقول: أنت ضارب زيد ظالما وأخاه حين فرقت بينهما ب ظالم جاز نصب الأخ وما قبله مخفوض. ومثله {يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} وكذلك قوله: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى}.
وقوله: {تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (117)} وتَلْقَفُ. يقال لقفت الشيء فأنا ألقفه لقفا، يجعلون مصدره لقفانا. وهى في التفسير: تبتلع.
وقوله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ (118)} معناه: أن السحرة قالوا: لو كان ما صنع موسى سحرا لعادت حبالنا وعصيّنا إلى حالها الأولى، ولكنها فقدت. فذلك قوله: {فوقع الحق}: فتبين الحق من السحر.
وقوله: {آمَنْتُمْ بِهِ (123)} يقول: صدّقتموه. ومن قال: آمنتم له يقول: جعلتم له الذي أراد.
وقوله: {ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ (124)} مشدّدة، و{لأصلبنّكم} بالتخفيف قرأها بعض أهل مكة. وهو مثل قولك:
قتلت القوم وقتّلتهم إذا فشا القتل جاز التشديد.
وقوله: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ (127)} لك في {ويذرك} النصب على الصرف لأنها في قراءة أبىّ {أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض وقد تركوك أن يعبدوك} فهذا معنى الصرف. والرفع لمن أتبع آخر الكلام أوّله كما قال اللّه عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ} بالرفع. وقرأ ابن عباس {وإلا هتك} وفسّرها: ويذرك وعبادتك وقال: كان فرعون يعبد ولا يعبد.
وقوله: {أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا (129)} قال: فأمّا الأذى الأوّل فقتله الأبناء واستحياؤه النساء. ثم لمّا قالوا له:
أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض قال: أعيد على أبنائهم القتل وأستحيى النساء كما كان فعل. وهو أذى بعد مجىء موسى.
وقوله: {وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ (130)} أخذهم بالسنين: القحط والجدوبة عاما بعد عام.
وقوله: {فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ (131)} والحسنة هاهنا الخفض.
وقوله: {لَنا هذِهِ} يقولون: نستحقّها {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} يعنى الجدوبة {يَطَّيَّرُوا} يتشاءموا {بِمُوسى} كما تشاءمت اليهود بالنبيّ صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة، فقالوا: غلت أسعارنا وقلّت أمطارنا مذ أتانا.
وقوله: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ (133)} أرسل اللّه عليهم السماء سبتا فلم تقلع ليلا ونهارا، فضاقت بهم الأرض من تهدّم بيوتهم وشغلهم عن ضياعهم، فسألوه أن يرفع عنهم، فرفع فلم يتوبوا، فأرسل اللّه عليهم {الجراد} فأكل ما أنبتت الأرض في تلك السنة. وذاك أنهم رأوا من غبّ ذلك المطر خصبا لم يروا مثله قطّ، فقالوا: إنما كان هذا رحمة لنا ولم يكن عذابا. وضاقوا بالجراد فكان قدر ذراع في الأرض، فسألوه أن يكشف عنهم ويؤمنوا، فكشف اللّه عنهم وبقي لهم ما يأكلون، فطغوا به وقالوا: {لن نؤمن لك} فأرسل اللّه عليهم {القمل} وهو الدّبى الذي لا أجنحة له، فأكل كلّ ما كان أبقى الجراد، فلم يؤمنوا فأرسل الله: {الضفادع} فكان أحدهم يصبح وهو على فراشه متراكب، فضاقوا بذلك، فلمّا كشف عنهم لم يؤمنوا، فأرسل اللّه عليهم {الدم} فتحوّلت عيونهم وأنهارهم دما حتى موّتت الأبكار، فضاقوا بذلك وسألوه أن يكشفه عنهم فيؤمنوا، فلم يفعلوا، وكان العذاب يمكث عليهم سبتا، وبين العذاب إلى العذاب شهر، فذلك قوله آياتٍ مُفَصَّلاتٍ ثم وعد اللّه موسى أن يغرق فرعون، فسار موسى من مصر ليلا. وبلغ ذلك فرعون فأتبعه- يقال في ألف ألف ومائة ألف سوى كتيبته التي هو فيها، ومجنّبتيه- فأدركهم هو وأصحابه مع طلوع الشمس. فضرب موسى البحر بعصاه فانفرج له فيه اثنا عشر طريقا. فلمّا خرجوا تبعه فرعون وأصحابه في طريقه، فلما كان أوّلهم يهمّ بالخروج وآخرهم في البحر أطبقه اللّه تبارك وتعالى عليهم فغرّقهم. ثم سأل موسى أصحابه أن يخرج فرعون ليعاينوه، فأخرج هو وأصحابه، فأخذوا من الأمتعة والسلاح ما اتخذوا به العجل.
وقوله: {عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوارٌ (148)} كان جسدا مجوّفا. وجاء في التفسير أنه خار مرة واحدة.
وقوله: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ (149)} من الندامة. ويقال: أسقط لغة. و{سقط في أيديهم} أكثر وأجود. قالوا لئن لم ترحمنا ربّنا نصب بالدعاء لئن لم ترحمنا ربنا ويقرأ {لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا} والنصب أحبّ إلىّ لأنها في مصحف عبد الله: {قالوا ربّنا لئن لم ترحمنا}.